سيدتي ترددت كثيراً قبل كتابة رسالتى أولاً خوفاً من ردك علي وثانياً من التعليقات التي قد تهاجمني بشراسة، ولكن ما باليد حيلة فأنا أتابعك من فترة، وكلما أجد قصة للخيانة أشعر بتأنيب الضمير لما اقترفته في حقي وحق زوجي. أنا يا سيدتي امرأة متيسرة الحال جميلة جداٍ بشهادة الجميع عمري 30 سنة.
وزوجي يكبرني بخمس سنوات، تزوجنا عن قصة حب جبارة ليس لها مثيل، ولكن جاءت الصدمة الكبرى التي اكتشفتها في أيام الزواج الأولي، ففي ليلة الدخلة تعلل ببعض الأعذار ولم يمسني على الإطلاق، ولكن بمرور الأيام بدأ يطلب مني طلبات غريبة جداً في علاقتنا الزوجية، واكتشفت بعدها أن زوجي شاذ جنسياً، وبالرغم من ممارساته الشاذة كنت امتثل لطلباته برغم شعوري بالاشمئزاز، ومع الوقت امتنع عن معاشرتي الشاذة.
واكتشفت لاحقاً أن له صديق، شعرت بصدمة زلزلت كياني، ولكني في نفس الوقت أحبه ولا أستطيع البعد عنه، وهو أيضاً بالرغم من ذلك يعشقني لدرجة الجنون، لدرجة أنه بكى عندما هددته بترك البيت، ووعدني بأن يذهب لزيارة طبيب، ولكن دون جدوى، كل ما سلف أعرف أنه قد يكون له حل، ولكن ما يتعب نفسيتي ويؤرقني ويجعلني لا أستطيع النوم هو أنى خنت زوجي أكثر من مرة بعد أن سئمت من وعوده الكاذبة بالعلاج.
ولكن المشكلة إن حرماني من العلاقة الزوجية الطبيعية جعلني على أتم استعداد للخيانة، وإقامة علاقات كاملة مع أكثر من رجل، ولكن صدقيني يا سيدتي أنا ندمت وتبت إلى الله توبة نصوحا، ولكني في نفس الوقت بشر إنسان لها شعور وأحاسيس أتألم كلما فكرت في الابتعاد عن زوجي الذي أحبه ويحبني بجنون وفي الوقت نفسه لا أستطيع التحمل والعيش في هذا الوضع، فبما ذا تنصحيني سيدتي الفاضلة؟
أرجو عدم إهمال رسالتي
د. أ – مصر
سيدتي أهلا بك نسأل الله لك تمام التوبة، ولزوجك الشفاء
في البداية أنت زوجة شابة وناضجة علي المستوي الفكري والعاطفي كما هو واضح من رسالتك وسنك، تزوجت رجلاً شاذ يرفض العلاج ويكتفي بأنه يحبك بجنون وأنت أيضاً تحبينه، برغم استمرار علاقته بصديقه وصدمتك حين عرفت لكنك تغاضيت عن الأمر لأنك تحبينه ” يا سلام ” كأنك مثلا اكتشفت أنه يدخن أو يلعب الطاولة، فقد صدمت ورغم ذلك استمرت العلاقة الشاذة بينكما والتي تدل علي مفهوم خاطئ للزواج في نظرك، فالزواج بالنسبة لك ليس أكثر من مجرد إشباع حسي بين رجل وامرأة.
لكن من دون أن يكون هناك اعتبار للسكن أو المودة والرحمة أو كل المفاهيم التي يقوم عليها الزواج الطبيعي الذي هو بناء لبيت وأسرة وأولاد، وإلي غير ذلك من مفاهيم توارثناها لمئات السنين، لكن يبدو أنك ابتدعت مفهوم مغاير لمعني الزواج ينسف ما تعارفنا عليه، وهو مفهوم جديد بالطبع واختراع، أو ربما أنت تدافعين وتبررين وتلتمسين لنفسك عذر الخيانة المتكررة مع أكثر من رجل.
وتعتبرين أن ما فعلته بنفسك هو مطلب مشروع ودفاع عن حقك في الحياة الطبيعية كامرأة لها متطلباتها واحتياجاتها البيولوجية، حتى ولو كان تلبية عن هذه الاحتياجات عن طريق الحرام والانغماس في الرذيلة والنزول بالنفس إلي أحط منزلة وأحقر مستوي، وحجتك جاهزة فزوجك الشاذ الغريب يحبك بجنون ويرفض العلاج، و أنت أيضاً تحبينه بجنون وترفضين الانفصال عنه رغم شذوذه ورفضه للعلاج، علاقة غير طبيعية فهذا ليس زواج، إنما هو علاقة غريبة بين شخصين لم تجمعهما حاجتهما للزواج وتكوين أسرة كما هو حال الناس جميعاً، فالزواج جعل للسكن والتواصل وتقاسم الحياة بين الزوجين كشركاء فيها.
فهل هذا المعني توفر في هذه العلاقة الشاذة بزوج شاذ، كل ما يجمع بينهما علاقة غير طبيعية وحب أيضاً غير طبيعي، أنا لن التمس لك العذر فيما فعلته، لأن ما فعلته هو ضد كل الأعراف والشرائع والأديان، فقد كان يجب عليك منذ علمت بحالة زوجك أن تخيريه ما بين العلاج أو الاستمرار معه، ذلك لأن حبه لك كذبة كبيرة بدليل أنه لم يعالج إلي الآن، ومستمر في علاقاته الشاذة، فهو لا يحبك إنما يحب فيك الواجهة التي يخفي من خلالها شذوذه فهو أمام الناس زوج بشكل طبيعي، وأنت أيضاً قصة أنك تحبينه بجنون هذه كذبة كبيرة ووهم تضحكين به علي نفسك فلو كنت تحبينه لما سلمت نفسك لأكثر من رجل بحجة أنك بشر، و لكان أكرم لك أن تطلبي الطلاق لأنك ترفضين خيانته، إلا أنك لم تفعلي كل ذلك وألقيت بنفسك في مستنقع الرذيلة وسلمت نفسك لكل من رغب أو لم يرغب، فأنت حتي لم ترتبطي بواحد فقط وهو أخف الأضرار.
والآن أنت تبت إلي الله توبة نصوحاً رغم أنك لا تثقين بنفسك كلية لأنك تبررين لنفسك بكونك بشر فأنت رغم توبتك لا تضمنين استمرارها، فالحل الوحيد هو الطلاق وليس أمامك حل آخر، لأن استمرارك مع هذا الزوج الشاذ يعني أنه لن تستقيم الحياة معك، وسيظل حالك هو الحال، فالطلاق هو الحل الأمثل حتي وإن لم تتزوجي بآخر فوراً، ذلك لأنك ضخمت الوهم الذي تعيشينه وجعلت منه بطلاً تحاربينه والتمست لنفسك الأعذار التي قادتك إلي ما أنت فيه الآن، رغم أن الطلاق هو أسوأ الحلول وأبغضها علي الإطلاق لكنه في مثل حالتك يعبر هو أحسن الحلول وأفضلها.
وقبل كل ذلك يجب أن تندمي علي مافعلته ندماً شديداً، وتبكين بدمع سخين وتتضرعي إلي الله وأنت في صلواتك تطلبين منه الرحمة والمغفرة، مع عزم شديد ألا تعودي لما كنت عليه وأن تطلبي منه العون والمدد، وأن تحسني عبادته وتكثري من الصوم وقراءة القرآن والصدقات والنوافل فقد يشفع لك كل ذلك عند ربك فيعفو عنك، المهم في كل الأحول هو الإخلاص في النوايا وقوة الإرادة وصدق العزم، والله يغفر عنك إنه ولي ذلك والقادر عليه.